بأقلامنا

100 عام في “ستة أَشهر” بقلم الشاعر هنري زغيب

لــبــنــان…

“نقطة على الحرف” رقم 1631
“صوت كلّ لبنان”
الأَحد 30 تموز 2023

من عادتي في هذه الحلقة الصباحية كلَّ أَحَد، أَن أَختصر لكم كتابًا أَجنبيًّا عن لبنان، أَو عددًا خاصًا من مجلة أَجنبية عن لبنان. وهو ما أَنا فاعلُهُ هذا الصباح كذلك.
قبل أَيام وصلَني عدد “صيف 2023” من مجلة “ستة أَشهر” (6 mois) التي تصدر في باريس مرتين في السنة. وهي تتمحور حول الصورة الصحافية، وتعالج مواضيع ثقافية منوعة مصوَّرة من كل العالم. وها هي ذي، في هذا العدد أَمامي من 220 صفحة حجمًا كبيرًا، تخصِّصه للبنان بعنوان “لبنان – المكان للشباب”، معظمُه لمصوّرين لبنانيين أَو عاشوا فترة في لبنان وصوَّرُوا مشاهدَ فيه صادمةً، من هنا إِشارة المجلة حول مواد العدد إِلى عبارة “لبنان: بلد يرويه مصوروه الصحافيون”.
غلاف العدد: صورة شابَّين من الثوار يحاولان اقتحام مجلس النواب وسط الدخان الكثيف ليلة 18 كانون الثاني 2020.
في مقطع من افتتاحية العدد جاء: “النظر إِلى لبنان من عدسة مصوِّريه الصحافيين لا يُخْتَصَر بلقطات من بلدٍ على وشك الانهيار، بل هو يعكس مبادراتٍ وُثقى وانتفاضاتٍ واعدةً بالتغيير”.
في ثلاثة عناوين جانبية على الغلاف جاء: “بيروت في قبضة علي”، “طرابلس مدينة مهمَلة”، و”مزارعو سهل البقاع يقاومون شح المواد الزراعية”. ثم تتوالى مقالات مطرَّزة بالصُوَر الفوتوغرافية، منها “شعب يحتاج إِعادة اختراع”، “الفقر ينهش طرابلس”، “يوم كان نيمايِر يحلم بطرابلس أُخرى”، “قبضة علي على منطقة الغبيري”، “عدالةٌ ذاتُ وجهين”، “أَن تكون لبنانيًّا في العشرين” (ملفٌّ بكاميرا ثمانية مصورين فوتوغرافيين من لبنان يروون معانَيَاتهم مع الميليشيات)، ثم ملف خاص من 12 صفحة مصوَّرة عن مرسيل خليفة يروي طفولته التي انكسرت باكرًا بوفاة أُمه الصبية ماتيلدا، ومطالع شهرته بدءًا من بزوغه في بلدته عمشيت حتى كتابة الموسيقى لمسرحية “عجائب الغرائب” لعبدالحليم كركلَّا، ثم صدور أُسطوانته الأُولى “وُعُود من العاصفة” فزواجه من يولا قرياقوس حبيبته وأُمِّ ولدَيه بشار ورامي، إِلى تفاصيلَ وصُوَر أُخرى من سيرة ومسيرة مرسيل خليفة تُنشر للمرة الأُولى.
وفي ختام العدد ملفٌّ نادرٌ آخر عن ابنة زغرتا ماري الخازن، الجريئة التي تحدَّت مجتمعها المحافظ بعدسة الكاميرا. وتَظهر في أَرشيفها الغني والنادر صوَرٌ غيرُ مأْلوفة من عشرينات القرن الماضي، منها نساء تُدخِّنَّ في زهوٍ غيرِ خجول، أَو تَقُدْنَ السيارة في أَول عهد لبنان بالسيارات، أَو تَذهبن إِلى صيد العصافير مع الرجال، وصُوَر جريئة أُخرى لم تكن مأْلوفة قبل 100 عام، تَشهد عليها محفوظات فوتوغرافية لدى ماري الخازن التي تخلَّت عن كل تقاليد مجتمعها المحافظ وحملَت كاميراها تلتقط بها لحظاتٍ هي حتى اليوم، بعد 100 عام، مرآةٌ ساطعةٌ لجرأَتها تلك الأَيام العتيقة.
إِنه ملف فوتوغرافي غنيٌّ خاص عن لبنان من 172 صفحة في مجلة “ستة أَشهر”، يجدر أَن يكون في كل بيت لبناني، لتبقى فيه نوستالجيا حنينية، بعضُها مرٌّ لأَحداثٍ مُرَّة، وبعضُها الآخَر يُظهر لبنان طليعيًّا رائدًا كما عادَتُه أَن يكون منذ انبثَقَتْ شمسُه الأُولى في الفجر الأَول من ذاكرة الزمان.
هـنـري زغـيـب

زر الذهاب إلى الأعلى