بأقلامنا

سفير روسيا السابق لدى لبنان لـ”مهر”: موسكو مُقتنعة بأن النزاع لا يجب أن يتجاوز الخط الأحمر/ صفقة الحبوب مرهونة بإلتزام الأطراف الأخرى

سفير روسيا السابق لدى لبنان لـ”مهر”:

موسكو مُقتنعة بأن النزاع لا يجب أن يتجاوز الخط الأحمر/ صفقة الحبوب مرهونة بإلتزام الأطراف الأخرى


أكد سعادة السفير الروسي السابق لدى لبنان ألكسندر زاسبكين، أن الغرب بين الحين والآخر يطرح موضوع السلاح النووي ويحاول ان يحمل مسؤولية استخدامه الى روسيا وهذا غير صحيح على الاطلاق، لانه لا توجد نوايا روسية لاستخدام هذا السلاح…

وكالة مهر للأنباء – القسم الدولي: يعتقد الكثيرون أن الأزمة الروسية الأوكرانية لم تكن لتتصاعد إلى ما وصلت إليه لولا السياسة التي انتهجتها الولايات المتحدة وحلف الأطلنطي لاستقطاب الدول الأوروبية واحدة تلو الأخرى للانضمام لحلف شمال الأطلنطي، إلى أن جاء الدور على أوكرانيا، وحانت اللحظة التي كان الحلف يعد لها منذ أكثر من ثلاثين عاما بشأنها، ليصبح الحلف بذلك فعليا على حدود روسيا وفى قلب خاصرتها، الأمر الذي توجب على روسيا مواجهته حماية لأمنها القومي فى لحظة حاسمة لم يكن ممكنا أمام روسيا فيها سوى رد الفعل بالقدر المتناسب مع خطورة الموقف…
وقد بينت تلك الأزمة جانبا هاما من جوانب الازدواجية السياسية الأوروبية، فيما يتعلق بالتعامل مع روسيا. الجانب الوعر من العلاقة الأوروبية الروسية؛ الذي يتعلق بسياسات الدول الأوروبية كأعضاء في حلف الأطلنطي، وما كشفت عنه الأزمة الروسية الأوكرانية من تبعية أوروبية شبه مطلقة للولايات المتحدة التي تقود ذلك الحلف وتحدد توجهاته وسياساته، وفق مصالحها واهتماماتها فى المقام الأول…
وطوال السنوات السابقة، عملت الولايات المتحدة ودول الحلف على قيام حكومة مناوئة لروسيا في أوكرانيا، وعززت تعاونها معها على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية، وواصلت تحريضها لها على استفزاز روسيا، الأمر الذي وصل إلى حدود دائرة الخطر بالنسبة للأمن القومي الروسي، فكانت العملية العسكرية الروسية…
وفي هذا الصدد أجرت مراسلة وكالة مهر، “وردة سعد” حواراً صحفياً مع سعادة السفير الروسي السابق لدى لبنان “الكسندر زاسبكين”، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
** تمر الازمة في اوكرانيا بمرحلة مفصلية حساسة حيث يعمل الناتو الاميركي على التصعيد السياسي وتأجيج الصراع ميدانيا… لماذا يرفض الغرب التسوية وما هي بنظر موسكو الاهداف الاستراتيجية لهذه الحرب؟
الغرب يرفض التسوية السياسية السلمية للحرب في اوكرانيا…
في الظروف الراهنة الغرب يرفض التسوية السياسية السلمية للحرب في اوكرانيا، لان الغرب معني بمواصلة هذه الحرب بهدف إستنزاف روسيا وخلق المشاكل الداخلية وصولا الى احتمال تفكيك روسيا، وهذا اساس النهج الاستراتيجي الغربي، لذلك الغرب يستغل كل الوسائل لتحقيق اهدافه ويريد ان يستغل النفوذ المتاحة له خاصة ان اوكرانيا تكونت بعد تفكك الاتحاد السوفياتي ككيان معادي لروسيا…
** هل يمكن القول ان العلاقة بين روسيا والغرب الذي تقوده واشنطن وصلت حد القطيعة؟ وهل الصراع بينهما بات صراعا وجوديا على غرار ما كان عليه الحال في مرحلة الاتحاد السوفياتي رغم زوال التناقض الايديولوجي؟
اظن ان الوضع الان يشبه الحالة التي كانت اثناء الحرب الوطنية العظمى عندما وقف الاتحاد السوفياتي ضد التكتل المكون من المانيا النازية وحلفائها الاوروبيين، اليوم تقريبا نفس الشيء يحصل في اوكرانيا، هذا يتفوق على حالة الحرب الباردة بين حلف وارسو وحلف الناتو في عهد الاتحاد السوفياتي…
ونحن الان نرى من الجانب الغربي الهجوم الشامل وليس فقط العسكري بل كذلك الايديولوجي مثال سيطرة نهج افول روسيا في سياسة الدول الغربية، وشيء آخر روسيا ترفض القيم الغربية وتعتبر انه لا يوجد ديموقراطية في الدول الغربية، بينما نحن نتمسك بقيمنا التقليدية في روسيا ونتخلص من ما يسمى المجتمع الاستهلاكي الذي كان مفروضا علينا في التسعينيات؛ والان يتم تصحيح هذا المناخ في المجتمع الروسي..
الموقف الغربي من هذا النظام يدل على ان ما يسمى بالليبرالية الاوروبية تتوج نحو تأييد النازية…
ويجب الاعتراف بأن الغرب اليوم يؤيد ويدعم نظام كييف الذي كان يقصف الشعب الروسي في دونباس خلال ثماني سنوات، وكان يتخذ اجراءات ضد اللغة الروسية، لذلك يعتبر هذا النظام في روسيا ذو ميول نازية، الموقف الغربي من هذا النظام يدل على ان ما يسمى بالليبرالية الاوروبية تتوج نحو تأييد النازية…
** الديمقراطية تروج عن نفسها انها فلسفة تقبل الاخر وادارة الخلافات والصراعات بطرق سلمية.. فكيف نفهم ان هذه الدول التي تسمي نفسها ديمقراطية لا تستطيع التعايش لا مع روسيا القوية ولا مع الصين ذات الاقتصاد الناشط والمتطور ولا مع ايران المختلفة أيديولوجيا والساعية الى الاستقلال وعدم التبعية!! لماذا لا يطبق الغرب قيم ديمقراطيته على العلاقات الدولية؟
من الواضح ان الغرب يستخدم شعار الديموقراطية لزرع الفتن وفرض املاءاته على الدول التي لا تقبل الهيمنة الغربية، وبكل بساطة اصبحت الديموقراطية آلية غربية لفرض السيطرة على الاخرين، ومن لا يوافق على الإرادة الغربية يصنف على انه من الأنظمة الديكتاتورية…
الديموقراطية اصبحت آلية غربية لفرض السيطرة على الاخرين…
من هذه الناحية يجب ان نوحد جهودنا ضد هذا الامر، وهناك شعارات جيدة جدا تستخدم وهي تعددية الاقطاب، واحترام الميزات الخاصة الحضارية والثقافية وحرية الاقتصاد واحترام السيادة لكل دولة، هذه مبادىء يمكن ان تتفق عليها اكثرية دول العالم للتخلص من الهيمنة الغربية، وهذا عنوان للمرحلة الراهنة التي نعيشها…
** لماذا اقدمت روسيا على وقف اتفاقية تصدير الحبوب من الموانئ الاوكرانية؟ وهل جاء ذلك ردا على التصعيد الغربي وقصف جسر القرم؟ ام ان هناك اسبابا اخرى؟ الا تتحمل بذلك مسؤولية ازمة الغذاء التي تهدد العديد من الدول ومن بينها دول فقيرة صديقة لروسيا؟
روسيا ستعود الى “صفقة الحبوب” في حال كان هناك التزام من الاطراف الاخرى لتلبية المصالح الروسية…
ان قرار الخروج من صفقة الحبوب جاء كرد فعل على الاطراف الاخرى التي لا تنفذ التزاماتها، لان صفقة الحبوب لا تعني فقط الالتزام من الجانب الروسي بل هناك التزامات من الدول الغربية يجب تنفيذها، فكل ما يتعلق بالامور اللوجستية والتسهيلات اللازمة للشركات الروسية لم ينفذ، فقد كانت دائما روسيا تنفذ التزاماتها انطلاقا من نيتها الطيبة حتى من دون اي فائدة لها…
اما الان فالواقع اختلف؛ لم تعد روسيا قادرة ان تتحمل هذا الامر في المرحلة القادمة خاصة انه حسب المعلومات ان تصدير الحبوب لم يكن للدول الفقيرة بل للدول الأوروبية وغيرها، لذلك الهدف كان وتبعا لما قالته الامم المتحدة ان هذه الصفقة يجب ان تساعد الدول الفقيرة، وهذا لم يتحقق بسبب المواقف الأوكرانية والغربية…
وكذلك يجب ان نعترف ان ازمة الغذاء بداياتها تعود الى السياسة الغربية أثناء وباء كورونا عندما اصبح الغرب يشتري الحبوب بكميات هائلة ما أدى إلى رفع اسعار المواد الغذائية، اما روسيا فقد كانت تلتزم بصفقة الحبوب وستعود اليها بحال كان هناك التزام من الاطراف الاخرى لتلبية المصالح الروسية…
** الرئيس بوتين توعد بالرد على العمل الارهابي المتمثل بقصف جسر القرم!! ولكن المصادر الروسية تركز على ان القصف ليس مسؤولية اوكرانية وحسب بل تم بدعم صريح من قوى اجنبية اوروبية واميركية.. فهل نفهم من ذلك ان الرد سيكون اوسع من الدائرة الاوكرانية؟ هل لديكم مخاوف من توسع ساحة المواجهة لهذا السبب او لغيره؟
احتمال توسع النزاع قائم بسبب المواقف الغريية…
صحيح ان احتمال توسع النزاع قائم دائما وهذا بسبب المواقف الغريية، والغرب الذي يقدم المزيد من السلاح المتطور الى اوكرانيا ما يؤدي الى تصعيد واستمرار الحرب، شيء اخر ان روسيا قادرة على محاربة كل هذه الاسلحة ومقتنعة بالانتصار، ويجب هنا ان نشير الى اننا على قناعة بأنه يجب ان لا يتجاوز هذا النزاع الخط الاحمر الاساسي وهو التصادم المباشر بين روسيا وحلف الناتو لان هذا تلقائيا سيؤدي الى استخدام السلاح النووي والى حرب نووية، وهذا مستبعد ومستحيل…
لا توجد نوايا روسية لاستخدام السلاح النووي…
ونلاحظ بأن الغرب بين الحين والآخر يطرح موضوع السلاح النووي ويحاول ان يحمل مسؤولية استخدامه الى روسيا وهذا غير صحيح على الاطلاق، لانه لا توجد نوايا روسية لاستخدام هذا السلاح ولكن يجب ان نعترف ايضا بانه لا يجوز للغرب ان يصور روسيا امام العالم بأنها ضعيفة والسلاح النووي لا قيمة له وهذا اسلوب غير صحيح في اللعبة العالمية، يجب ان نكون حذرين في استخدام السلاح النووي الذي يجب ان يكون مستبعدا وفي نفس الوقت يجب ان يعرف الجميع ان السلاح النووي موجود ويمكن ان يصل الامر الى استخدامه، المهم في ختام المطاف ان نصل الى نهاية هذه الحرب الجارية…
** هناك اصوات عديدة بدأت تجرؤ على التذمر من وطأة الحرب في اوروبا.. وحتى في الولايات المتحدة ارتفعت اصوات الاعتراض.. كيف تقيمون انعكاسات الحرب على الدول الغربية؟ وهل تراهن موسكو على معركة عض الاصابع وتتوقع افلاس الغرب في مواجهة تحمل تبعات الحرب في اوكرانيا؟
بطبيعة الحال ان الحرب في اوكرانيا تؤثر سلبا على جميع الاطراف المعنية وخاصة على الدول الاوروبية، وهذه الدول استفادت في الماضي كثيرا لمصلحتها من العلاقات الاقتصادية مع روسيا خاصة في مجال الطاقة، واليوم هذا التعاون شبه مقطوع…
حكام اوروبا يمارسون سياسة التبعية للولايات المتحدة الأمريكية والتي لا تخدم مصلحة دولهم وشعوبهم…
بطبيعة الحال حكام اوروبا يمارسون سياسة التبعية للولايات المتحدة الأمريكية والتي لا تخدم مصلحة دولهم وشعوبهم، نحن نتابع التطورات ولكن لا نراهن على تغيرات في اوروبا، مصلحة روسيا اصبحت خارج الهموم الاوروبية… هل ستحدث في اوروبا تغيرات وهل شعوب اوروبا سوف تقف بشدة ضد سياسة حكامها؟ هذا ما لا نعرفه…
هناك مؤشرات عديدة على انتشار الشعور عند بعض الاوروبيين على ضرورة اعادة سيادة دولهم والتي أصبحت مفقودة الان لمصلحة امريكا، وايضا لا نعرف كيف يمكن ان تتطور الامور في هذه النقطة، ولكن بكل الاحوال روسيا تعمل على تطورها الاقتصادي والاجتماعي بغض النظر عن التطورات في الدول الأوروبية.
/انتهى/

زر الذهاب إلى الأعلى