بأقلامنا

قالت واشنطن كلمتها.. فماذا يقول لبنان عن النازحين؟ بقلم ناصر قنديل

ناصر قنديل
– قال المتحدّث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية سامويل وربيرغ، إن «الولايات المتحدة لا تعتبر ان الظروف اليوم مؤاتية لعودة النازحين السوريين الى بلادهم». ويأتي هذا التصريح بعد مناقشات أجراها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب في نيويورك مع معاونة وزير الخارجية الأميركية الواسعة النفوذ فيكتوريا نولاند، ما يعني أن واشنطن تقول إنّها ترفض الطلبات اللبنانية بدعوتها لتفهم استحالة التأقلم مع الضغوط التي يمثلها النزوح السوري، واعتبار أن الحل الوحيد الواقعي هو عودتهم إلى بلدهم سورية، قبل أن ينفجر الجدار اللبناني، كما حذّر وزير الداخلية القبرصي في كلام موجّه إلى شركائه الأوروبيين، ويمتلئ البحر الأبيض المتوسط بـ مراكب المهاجرين نحو أوروبا.
– واشنطن تجيب لبنان بوضوح أنها تعتبر وظيفة قانون قيصر للعقوبات على سورية الذي لا يفعل شيئاً سوى تجويع الشعب السوري، كما وصفه دبلوماسيون أميركيون من أمثال جيفري فيلتمان وروبرت فورد، يقع في مرتبة أعلى بالنسبة للدبلوماسية الأميركية، من الاهتمام بالمصالح اللبنانية. فكلام المتحدث باسم وزارة الخارجية عن أن حكومته لا تقبل بالأوضاع في لبنان، لا يعني شيئاً أمام تدفق الآلاف يومياً عبر الحدود، وما تعِدُ به واشنطن هو السعي لتأمين المزيد من المساعدات المالية، تحت شعار الدمج الطويل المدى للنازحين في النظامين التعليمي والصحي، ولاحقاً السكني، للنازحين، وهو الموقف الأوروبي ذاته، الذي سمعه وزير الخارجية في بروكسل. هذا مع العلم أن هذه الوعود تبقى وعوداً، ووفقاً للتجربة التركية لم تدفع أوروبا الأموال إلا عندما فتحت تركيا طريق البحر للهجرة إلى أوروبا.
– كرر قائد الجيش كلامه عن الخطر الوجودي الذي يمثله النزوح، أمام مجلس الوزراء والعديد من زواره، وخلال زيارته لمواقع عسكرية على الحدود اللبنانية السورية قال للعسكريين إن «نزوح السوريين يمثل خطرًا وجوديًّا يهدد لبنان واللبنانيين ولا بد من معالجته على مستوى الأفراد والمؤسسات جميعها»، وقال: «الجيش بعيد كل البعد عن العنصرية، وهو يولي حقوق الإنسان أولوية قصوى ويضعها في صلب مهمته، لكن هذه الحقوق وُجدت لتحفظ كرامة الإنسان لا لتدمّر المجتمع».
– السؤال أولاً للحكومة، ثم لقيادة الجيش، ولكنه موجّه للبطريرك بشارة الراعي والقوات اللبنانية وحزب الكتائب ولجميع القوى السياسية التي تجاهر بتمسكها بعلاقة مميزة مع واشنطن، وتطلق مواقف تحذيرية من خطر وجوديّ يمثله النزوح، ماذا ستفعلون، وأمامكم طريقان لا ثالث لهما، إما أن ترضخوا للموقف الأميركي وتقبلوا بالتعويض المالي الرخيص للكرامة الوطنية والسيادة الوطنية والقضايا الوجودية، وتبدأوا بالتسوّل، تحت شعار تقبلون ما تقولون إنه تغيير ديمغرافي قد ينتهي بالتوطين، وبذلك وفقاً لخطاباتكم فأنتم تعرضون لبنان للبيع لقاء مساعدات بخسة بقياس الخسائر والمخاطر، أو أن تتخذوا موقفاً قوامه وقف كل إجراءات التدخل التي يقوم بها الجيش والقوى الأمنية لحماية أوروبا من تدفق النزوح نحو دولها، ولتتحمل الدول الأوروبية تبعات مواقفها! فماذا تختارون؟
– وماذا عن الموقف من واشنطن، هل يستحق الأمر من أصحاب الحديث عن الاحتلال الإيراني أن يخبرونا ايهما الأولوية اليوم: اعتبار قضية النزوح التي يصفونها بالوجودية أولوية وطنية تقاس المواقف من الدول بقياس المواقف منها. وهذا يعني أن يتجرأوا ويسمعوا واشنطن كلاما يتناسب مع حجم العدوان على السيادة اللبنانية وعلى عناصر استقراره الوجودية، أم المضي باسترضاء واشنطن بشعاراتكم الممجوجة، واسطوانتكم المشروخة؟

زر الذهاب إلى الأعلى